احتضن طفله الصغير المنتظر ، الذي طالما انتظره وحلم به ، وهام به حبًا .
احتضنه بشدة ، ونظر في عينيه الصغيرتين ، اللتين تشع منهما البراءة .
قال له :
_ جاء الوقت الذي يجب عليَّ أن أخبرك فيه بكل شيء .
_ نعم حان الوقت .
_ عليك يا " خالد " أن تخبر والدتك :
أنني اعتدت على غيابها ... بل اعتدت على طول غيابها .
_ نعم ... نعم اعتدت على طول غيابها .
هل تعرف يا " خالد " أنني ما عدت أهوى لقاءها ؟
هل تعرف يا " خالد " ؟
هل تعرف أنني كنت لا أطيق بعادها ؟
_ نعم يا " خالد " ... كنت لا أطيق فراقها .
_ صدقني يا " خالد " ، كنت لا أطيق فراقها .
هل تعرف يا " خالد " أنني فكرت مرة أن أستقيل من عملي ؛ لأظل بجوارها طوال اليوم لا أفارقها أبدًا ؟
وقتها كرهت العمل لأنه يأخذني منها ساعات وساعات ، كانت تمثل لي عذابًا كبيرًا حينها .
لكنها قالت لي وقتها مندهشة :
_ وكيف سنعيش إذن ؟
_ من أين سنأكل ؟
كانت محقة تمامًا يا " خالد " ، فقد كنت وقتها مصابًا بحالة جنونية .
نعم جنونية يا " خالد " .
لا تعجب يا " خالد " ، فأبوك كان مجنونًا يومًا ما ،
لكنه أفاق من جنونه ، شُفي منه .
أنت اليوم يا " خالد " لك أب عاقل تفاخر به زملاءك الأطفال مثلك ... أب يشرفك .
لا تخجل مني يا " خالد " يومًا ...
فما ارتحت يومًا في حياتي ؛ حتى ترضى عني يا خالد ... حتى أستحق أن أكون أباك .
أقسم لك يا " خالد " أنني ما ذقت طعمًا للراحة يومًا لأجلك أنت .
_ عليك أن تخبر والدتك يا " خالد " أنني أصبحت رجلًا يهوى عمله بشدة .
عليك أن تخبرها أيضًا أنني أنتظر مجيئك يا " خالد " .
نعم أنتظر مجيئك بلهفة .
حتمًا ستأتي يا " خالد " .
ستأتي كما تخيلتك ورسمتك .
_ لا تنس أن تخبر والدتك أنني أحبك يا " خالد " .
نعم أحبك . أحبك أكثر مني يا " خالد " .
لماذا تبكي يا خالد ؟
أنت رجل يا " خالد " ، والرجال لا تبكي .
_ أراك قريبًا ... انتظرني ، حتمًا سآتي كي أراك ، كي ألتقيك ، كي أحتضنك ، كي أقبلك ، كي أنظر في عينيك الصغيرتين طويلًا ....
( رابط نشر القصة ) :
قصة خالد ، صحيفة الوطن الجزائري :
http://www.elwatandz.com/r_ation/nouvel/7195.html